الخلفاء الراشدون 2

بسم الله الرحمان الرحيم نواصل السير ومع طلاب وتلاميذ محمد عليه الصلاة والسلام أبوبكر الصديق رصي الله عنه وأرضاه.
تطرقت في المداخلة السابقة إلى أيام من حياته رضي الله عنه ، واليوم سأكمل على بركة الله أسأله سبحانه ان يوفقني لذلك انه على ذلك قدير.


• يوم توفي الرسول صلى الله عليه وسلم كان أبوبكر غائبا فسمع الخبر واتى على فرسه رضي الله عنه وأرضاه وعصاه بيده ،وأتى المدينة منقلبة أولها على آخرها فاختلط بكاء النساء بالرجال بالأطفال وعمر رضي الله عنه يحذر الناس يقول مامات الرسول صلى الله عليه وسلم ، من قال مات ضربت عنقه بهذا السيف.
فدخل أبوبكر بسكينة وثبات ووقار وبعقل حتى شق الصفوف لم يكلم احد ولاقال لأحد شيء ساكتا ،صامتا ،ودخل دخل حتى اتى إلى الغرفة التي فيها الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قد فارق الحياة بأبي وامي عليه الصلاة والسلام فكشف عن وجه الرسول صلى الله عليه وسلم وقبله فسالت دموع أبا بكر على خد الرسول صلى الله عليه وسلم .
قال يارسول الله ((طبت حيا وطبت ميتا ، أما الميتة التي كتبت عليك فقد دقتها لكن والله لن تموت بعدها أبدا )) ، ثم خرج على الناس وعصاه بيده وكبار الصحابة والمبشرون بالجنة واهل بيعة الرضوان واهل احد كلهم يبكون ، يصبح الواحد منهم كأنه طفل يبكي ، فسكت عمر قال : أسكت ياعمر لانه يتكلم عمر إذا حضر أبوبكر
يقول عمر رضي الله عنه :أبوبكر خيرنا وسيدنا وأفضلنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله الذي لاإله إلاهو لئن يؤتى بي فيضرب بعنقي في غير حد من حدود الله أهون لي من أتقدم في امة فيهم أبوبكر.
فقام أبوبكر الصديق ثابتا وصوته يجلجل في المسجد (( أيها الناس من كان يعبد محمد فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لايموت)) ثم تلا قوله تعالى بسم الله الرحمان الرحيم : (( ومامحمدا إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفإين مات اوقتل إنقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين))
يقول الرواة لما سمعها عمر كأنه سمعها لأول مرة فخر على وجهه مغمى عليه.


*يقول اهل العلم عن عروة بن الزبير :
اودي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يطوف ، وحاصره الكفار وأتى احدهم فبصق في وجهه ففر من أسلم إلا أبكر بقي حول الرسول يدافع عنه ، فياخدونه ويسحبونه قال أبوبكر وهو يصيح : أتقتلون رجلا ان يقول ربي الله أتقتلون رجلا ان يقول ربي الله أتقتلون رجلا ان يقول ربي الله ، قال الراوي فاجتمع كفار قريش على أبوبكر فضربوه حتى اغمي عليه ، فحمله قرابته إلى البيت ، فزاره عليه الصلاة والسلام ،فأستفاق وهو مكدوم في رأسه ، في ظهره، في وجهه من كثرة الضرب ، والدماء تسيل منه ، فلما إستفاق لم يسأل عن أبيه ولاعن جده ولاعن عمه ولا عن شيئ قال : كيف رسول الله ؟ فتعجب الناس من ذلك ، حب يسري في دهم حب يسري في شرايينه رضي الله عنه وأرضاه.
•
• * لما تولى أبابكر الخلافة ذهب مرة إلى السوق على جمله بخطامه فلقي عمر بن الخطاب وأباعبيدة ، قالا إلى إين ياخليفة رسول الله ؟قال : إلى السوق ، قالوا والخلافـــة؟ قال أبوبكر : أقوم بالخلافة لكن تريدون ان أضيع أهلي وأطفالي .قالوا: نفرض لك من بيت المال مايكفيك . قال كم تفرضون ؟ قالوا نفرض لك حلة في الصيف وحلة في الشتاء وألف (1000) درهم في السنة. قال أبوبكر : هــذا مايكفيني (يعني من الصراحة).قالوا : نفرض لك حلة في الصيف وحلة في الشتاء وألفي ( 2000) درهم في السنة . قال هــذا يكفي. رضي الله عنه وأرضـــــاه.



* قرأت في كتاب روضة المحبين لإبن القيم الجوزية رحمة الله عليه :
- كان أبوبكر وعمر رضي الله عنهما إذا صليا الفجر يجلسان يسبحان إلى طلوع الشمس ،ثم يذهب أبوبكر رضي الله من بيته إلى ضاحية من ضواحي المدينة فيصل إلى خيمة يبقى فيها إلى ان يرتفع النهار ثم يعود .قال عمر : فتفقدت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : كيف يذهب كل يوم في هذا الوقت ولايعود والله لأراقبنه يوما ما ، قال فذهبت خلفه من حيث أراه ولايراني حتى تركته إلى ان خرج من الخيمة بعدما إرتفع الضحى ، فلما خرج منها أبوبكر دخل عمر فوجد في الخيمة إمراة حسيرة كسيرة عمياء ومعها بنات ، فسلم عليهعم عمر قال: كيف حالكم ؟ قالوا : الحمد لله .قال : من انتم ؟ قالت : انا إمراة كبيرة مات أبونا من سنوات وليس لنا بعد الله إلا هذا الرجل الذي يأتينا . قال عمر : عرفتم الرجل ؟ قالوا : ماعرفناه. قال : ماذا يفعل الرجل ؟ قالت: ياتينا كل يوم فيكنس بيتنا ، ويصنع لنا طعامنا ،( تصوروا خليفة المسلمين يحكم عشرين دولة بالمكنسة رضي الله عنه، بالله علينا نحن افرادا اوجماعات لامكانة ولاشيئ مانتنازل حتى نأخد الاعمى من طرف السكة، او الشارع ، مانقف مع العجوز،مانتواضع للشيخ الكبير، والشريف بل الأشرف فينا لايساوي شيئا في ظفر رجل أبي بكر، أوشعرة في رأسه رضي الله عنه ) ،قالت المراة فإذا كنس صنع لنا طعامنا ،قالت يأخذ القدر ويصب الماء ويحلب اللبن، ويعجن العجين، ويفور الفطور، ويقدمه للأطفال رضي الله عنه وأرضاه ، كان بإمكان أبي بكر أن يرسل خدام أومولى من الموالي ، لكن مكرمة من الله أن يهيأ لك عمل فلا توليه غيرك ، لان هذا يريد به أبي بكر أن يضرب لنا أجمل الأمثلة حتى تسمعون بعدها تعليق عمر رضي الله عنه،قالت المراة ثم يأخد ثيابنا مرة في الأسبوع فيغسلها وينشفها حتى لايكشف سرهم ، يقول عمر : يفعل هــذا كله ؟ قالت : نعم . فجلس عمر يبكي ، قال : أتعبت الخلفاء بعدك ياأبابكر ، أتعبت كل من يأتي بعدك ، أتعبت الأمراء أتعبت الولاة ، ماهذا العدل الذي تشهد له السماء وتتفتح وتقوم الأرض له ، وتفرح الملائكة له وتدعوا لك ، ماهذا العدل ؟
هذا شئء من أيامه رضي الله عنه وأرضاه ،نواصل في الأسبوع القادم بحول الله.

لاتنسونا من صالح الدعاء بارك الله فيكم ، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أخوكم في الله : واجــي صديق.